كان صباحًا هادئًا ذلك اليوم، عندما
استيقظت
مريم ووقفت متأملة السماء من وراء نافذة المطبخ. وهي تتناول شريحة من البرتقال، غارقة
في تفكيرها في السؤال ذاته:
ما الذي يعنيه أن تكون إنسانًا جيدًا؟
ما الذي يعنيه أن تكون والدًا جيدًا؟
موظفًا جيدًا؟
رئيسًا جيدًا؟
بل، وأدق من هذا، ما هو "الجيد"؟
بدأت هذه الأسئلة تراودها لأول مرة عندما
زارت صديقتها سدرة الأسبوع الماضي. حيث دعت
سدرة مريم وبعض الصديقات الأخريات لتناول الغداء في منزلها. اجتمعن جميعًا حول مائدة
الطعام، وقالت سدرة بفخر:
"ها هي مائدة خالية تمامًا من الثلاثة
البيض"، مشيرة إلى السكر والملح والدقيق الأبيض، حيث إن جميع السيدات كنَّ يتبعن
حمية غذائية.
كان الجميع سعيدًا، نعم، باستثناء شخص واحد
فقط، وهو مراد ابن سدرة. كان الصغير يرفض وبشدة تناول الطعام الموجود أمامه، ويصرخ قائلًا:
"إنه طعام رديء!".
كان الطبق يحتوي على البروكلي المسلوق، وقطعة
لحم مسلوقة أيضًا، وسلطة خضراء. ورغم محاولات سدرة الحثيثة لإقناعه بأنه طعام صحي جدًا
ومفيد له، إلا أن مراد أجاب وهو يبكي:
"لا أريد هذه الفائدة! البرتقال مفيد
أيضًا، ولكنه ليس رديئًا كهذا!" ثم غادر الطاولة مسرعًا.
بينما كانت مريم تفكر في ذلك اليوم، نظرت
بتمعن إلى شريحة البرتقال التي في يدها. أخذت تدرسها وتحللها: لونها برتقالي دافئ مثل
الشمس، تفوح من قشرها رائحة منعشة، شكلها الدائري المقسم إلى تسع شرائح متساوية، وكل
شريحة تحتوي على عشرات الجيوب المليئة بالعصارة اللذيذة. لم تتمالك مريم نفسها وضحكت
قائلة:
"نعم، مراد كان محقًا. ما الذي يجعل
الشيء جيدًا يا ترى؟ الفائدة وحدها لا تكفي، ولا الجمال يكفي كذلك. يجب أن يجتمعا معًا،
مثل البرتقالة تمامًا".
ثم تبادر إلى ذهنها مشاكلها في العمل؛ رغم كونها مهندسة
معمارية ناجحة، ورئيسها في العمل يثق بها كثيرًا. غير أنها لم تكن محبوبة بين زملائها. مع أنها كانت تعمل بجد طوال الوقت، إلا أن توترها كان ينعكس طاقةً سلبية على كل من حولها في المكتب. حتى خلال الأنشطة الترفيهية،
كتنظيم رحلة ما، فقد كانت تحولها إلى مهمة شاقة نتيجة لمثاليتها
المبالغة، مما يجعل الآخرين، وهي من ضمنهم، يفتقدون الاستمتاع بهذه الأنشطة.
وهنا قالت في نفسها:
"نعم لطالما كانت الطبيعة
أفضل معلم لنا فعلا. فكل شيء مفيد فيها: الأشجار، الفواكه، الرياح، لكنه في ذات الوقت جميل
ويشعرنا بالمتعة أيضا . فالبرتقال
يقدم لنا الفيتامينات، ولكنه في نفس الوقت مفعم بالألوان والطعم الحلو والرائحة الطيبة.
الحليب كذلك مليء بالكالسيوم، وإلى جانب هذا ، فمذاقه لذيذ".
لابد أنَّه، بكل تأكيد، إذا أردنا أن نكون
جيدين، فعلينا أن نقدم الفائدة بطريقة جميلة .
تناولت مريم آخر شريحة من البرتقال وقررت
أن تغير روتينها. ارتدت ملابسها الرياضية وذهبت في نزهة صباحية خلال الحديقة الخضراء،
عوضًا عن مجرد المشي على جهازها المنزلي.
ربما أدركت ولأول مرة أن سر السعادة لا يكمن
في الفائدة وحسب، بل مدموجًا مع المتعة أيضًا، ليتناغم العنصران معًا، حتى وإن
كانت البداية بخطوات بسيطة فقط .
يسعى كل إنسان في هذه الحياة لأن يكون سعيدا وناجحا
علم تصميم الخبرات هو علم الحقيقة الذي اتخذ من أهداف الإنسان غاية له.
يوجه الإنسان ليكون قادرا من خلال وعيه المفتوح على اتخاذ قرار صحيح وخيارات سليمة. ويزوده باستراتيجيات
حل حقيقية لمشكلاته
وكل ذلك من خلال ندواته التي تبدأ "بفن معرفة الانسان" ،"
المهارة في العلاقات" ،" سيكولوجيا النجاح" والبرامج التدريبية الأخرى
.
ليتمكن الإنسان من تحقيق سعادته معتمدا على ذاته .
منذ وجد الإنسان على وجه البسيطة فإن عدوه وصديقه لم يتغيران
إنهما ذلك الذي يراه في المرآة.
فليكتشف الإنسان ما يمكن أن يفعله بنفسه .
يحيى هامورجو
Yorumlar
Yorum Gönder